علماؤنا الكبار في القرن الماضي كانوا يعلمون أن الحجاب فرضا كما ورد في تفسيرات المفسرين وإجتهادات المتفقهين ، ولكنهم ، كما يبدو ، لم يولوه مقدار الأهمية التي إكتسبها في العقود الأخيرة. لم تكن تغطية شعر المرأة من الأصول عندهم بل كانت من الفروع ، بل فروع الفروع. لم يكن "الحجاب قبل الحساب" عندهم ، لم يكن "الحجاب أولا" ، لم يكن الحجاب أهم مافرض الله علي المرأة وتاركته في النار بغض النظر عن ما لها من أعمال صالحة وما إكتسبته من حسنات بغيره (كما يقول البعض اليوم). كانت ، بالنسبة لهم ، فرضية تغطية راس المرأة ، إن كانت فرضية ، تنزل منزلة "تبسمك في وجه أخيك صدقة" أو المضمضة ثلاثا عند الوضوء. كلها أداب وشعائر لايؤثم تاركها ، ولا يجد نفسه في نار أبدية إذا نساها أو تكاسل عنها ، ولا تعلق المرأة من رأسها في الأخرة إذا تمضمضت مرة بدلا من ثلاثة ، أو لم تفعل أصلا ، عملا بالفروض لا بالأنفال. ولذلك لم يجد الشيخ الباقوري غضاضة في أن تظهر بناته سافرات علي العيان وأمام كاميرات الصحافة ، إن كن بناته من في الصورة ، ولم يتردد الشيخ الطنيخي في إستقبال فتيات سافرات في مكتبه في مشيخة الأزهر أمام جمع من علماء الدين وأيضا علي صفحات الجرائد ، وكذا البنا ، ومات الشيخ الحصري راضيا عن إبنته غير لائما ، علي ما نعرف.آية الحجاب كانت مختصة بنساء النبى- صلى الله عليه وسلم- فقط حيث قال تعالى: "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن"، فيقول الكاتب توضيحاً للآية الكريمة يمكن أن نلاحظ أن سياق الآية وصياغتها يوضحان أن المقصود بالحجاب فى هذه الآية ليس هو الثوب كالجلباب والرداء والخمار، فيستحيل أن يكون المراد أنكم "إذا سألتموهن متاعاً" فاسألوهن من وراء ملبس، بل المراد اسألوهن من وراء حاجز وهو بالتحديد يقصد نساء النبى فقط، ويضيف الكاتب أنه من أدلة اختصاص الحجاب الكثيف بزوجات النبى أن النبى عندما تزوج غيابياً أسماء بنت النعمان وأرسل أبا أسيد الساعدى لإحضارها، قال لها أبو أسيد: "إن نساء رسول الله لا يراهن أحد من الرجال"، وأنه عندما حدث ولم يدخل بها النبى- صلى الله عليه وسلم- أقامت بالمدينة حتى تزوجها المهاجر ابن أبى أمية فى عهد عمر، فأفزع عمر أنها تزوجت بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقالت له موضحة سبب زواجها والله ما ضُرب على الحجاب ولا سميت أم المؤمنين، فكف عنها.. ومن الأدلة أيضاً على اختصاص آية الحجاب على نساء النبى أنه عقب سبى صفية بنت حيى فى غزوة خيبر سنة 7هـ وعند دخول النبى بها تساءل الصحابة هل سيتزوجها النبى أم سيعاشرها كجارية مملوكة، فقال بعض الصحابة: إن أرخى عليها الحجاب فهى من "أمهات المؤمنين" وإن لم يضرب عليها الحجاب فهى مما ملكت يمينه.. أما عن آية الجلابيب كما يقول الكاتب حيث قال تعالى: "يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين"، فيقول إن هذه الآية نزلت للتمييز بين لباس الحرائر والإماء، والآية بذلك على حد قول الكاتب وكما يشهد الواقع التاريخى، لم تجئ بتشريع دائم، وربما هو تشريع خاص بحدث معين وبظروف معينة، كانت موجودة فى زمان قديم، ذلك لأن التمييز بين الحرائر والإماء لم يعد موجوداً اليوم لعدم وجود إماء "جوارى